ماهى أكثر دول العالم تعرضاً للهجمات الإلكترونية
لم تعد الحروب بين الدول مقتصرة على استخدام القوة العسكرية فى الهجوم المباشر على المواقع المادية لتدمير الحصون و الجيوش المعادية، فمثلما تطورت الوسائل العسكرية من السيوف و الدروع إلى الطائرات و الصواريخ نتيجة لتغير الزمن و التقدم التكنولوجى، حدث نفس التطور مؤخراً و لكن على مستوى آخر؛ نتيجة لظهور شبكة الإنترنت، و تحول نظم الإدارة و الصناعة و المعلومات فى معظم دول العالم من النظام الورقى المكتبى الأرشيفى إلى الأنظمة المعلوماتية على شبكات الكمبيوتر، فظهر مفهوم الهجمات الإلكترونية .. ثم الحروب الإلكترونية إلى الوجود.
ما هى الحرب الإلكترونية ؟
إن الحرب الإلكترونية هى انعكاس للصراع بين الدول المختلفة على كافة مستويات الصراع؛ من صراع سياسى إلى صراع استخباراتى إلى صراع إقتصادى …
حيث يتم التعبير بالحرب الإلكترونية عن قيام دولة ما بشن هجمات إلكترونية على بيانات و برمجيات دولة أخرى عن طريق مجموعة من المتخصصين فى هذا المجال، و ذلك لعدة أهداف و هى :
1- الاستغلال
2- الخداع
3- إحداث الفوضى
4- تدمير المعلومات و نظمها
5- تعطيل البنية التحتية و شلَّها مثل: البنوك و شبكات الكهرباء و المرور و المياه و الأنظمة المالية و إيقاف الإنترنت و غيرها.
معلومات لتقدير مدى خطورة الهجمات الإلكترونية
قامت وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاجون) بتصنيف الإنترنت على أنه الميدان الرابع من ميادين الحروب بعد الجو و البحر و البر.
إعتبرت إستراتيجية رئيس وزراء بريطانيا (ديفيد كاميرون) الهجمات الإلكترونية واحدة من أكبر أربعة تهديدات لبريطانيا.
قامت الصين بتخصيص قسماً عسكرياً كاملاً لعمليات التجسس الإلكترونى.
لدى إسرائيل برنامج عسكرى يسمى (تلبيوت)، يتم تجنيد نخبة من أذكى الخريجين به لإتقان أساليب الدفاع و الهجوم الإلكترونية.
طبقا لتقرير شركة (مكافى) المتخصصة فى الأمن المعلوماتى الصادر فى بداية يناير 2015 فإن عدد الهجمات الإلكترونية وصل فى أواخر عام 2014 إلى 317 تهديداً فى الدقيقة الواحدة !! .. هذا بعد أن كانت الهجمات الإلكترونية قد ارتفعت فى عام 2013 عن عام 2012 بنسبة 14%.
فى الولايات المتحدة الأمريكية تتم إجراء مناورة سنوية تحت اسم سيبر ستورم لاختبار جاهزيتها لمواجهة أى هجمات إلكترونية معادية و يشارك بها 112 جهاز أمنى أمريكى.
أكثر دول العالم تعرضاً للهجمات الإلكترونية
فى البداية نود التوضيح أن الهجمات الإلكترونية ربما يقوم بها أفراد كمجموعات الهاكرز و ربما تقوم بها دول حيث تسمى بالحرب الإلكترونية.
و بالنسبة لهجمات الهاكرز الفردية فإنها عادةً –و ليس دائماً- تستهدف الدول الصغيرة و الفقيرة فى أساليب الحماية المعلوماتية، كما أن المعلومات المتوفرة عن هذه الهجمات عادة ما تكون ضئيلة و غير واضحة، و تعتبر الهند و الصين من أكثر مصادر الهجمات الإلكترونية للأفراد.
أما بالنسبة للهجمات التى تقوم بها الدول و المعبر عنها بالحرب الإلكترونية فإنها تكون بين دولتين، أحدهما معتدية على الأخرى، أو أنهما يتبادلان الاعتداء، و فى السطور القادمة سوف نعرض لأشهر هذه الحروب.
روسيا / أستونيا عام (2007)
تعتبر هذه الحرب الإلكترونية من أولى الحروب الإلكترونية فى العالم، حيث تم استخدام الهجمات الإلكترونية من قبل روسيا ضد أستونيا .. و وقف القانون الدولى حائراً .. هل يعتبر هذه الهجمات من ضمن الهجمات المسلحة فيوقع عقوبات على روسيا أم لا ؟ و فى النهاية لم يعترف بها لصعوبة تحديد المصدر القائم بشن الهجمات، و ما إن كان حكومى أو شخصى و ذلك إلى الآن.
روسيا / جورجيا (2008)
شكلت الهجمات الإلكترونية بين روسيا و جورجيا حرباً إلكترونية موازية للحرب التقليدية التى كانت قائمة بين البلدين.
الصين / الولايات المتحدة الامريكية
تعد الحرب الإلكترونية الدائرة بين الصين و أمريكا واحدة من أكبر و أطول الحروب الإلكترونية القائمة بالعالم.
و لكن أهداف كلا من البلدين متباينة تمام التباين، فأهداف الولايات المتحدة هى أهداف سياسية تجسسية بحته، أما أهداف الصين فهى أهداف صناعية فى المقام الأول، فهجمات الصين الإلكترونية تتعلق بالأسرار الصناعية و التجارية و حقوق الملكية الفكرية .. و الدولة الصينية تعتبر ذلك نوع من أنواع الأنشطة المشروعة لبناء البلاد.
و لعل من أوضح الأمثلة على ذلك ما قامت به مجموعة apt1 ، و هى مجموعة حكومية صينية تعمل من شنغهاى، هاجمت 141 شركة أمريكية فى مختلف المجالات الصناعية، و حصلت على خرائط تقنية و حقوق ملكية فكرية و خطط أعمال مشاريع كاملة فى حجم كمية مسروقة تساوى 50 ضعف للمعلومات الموجودة فى مكتبة الكونجرس مما كلف أمريكا ملايين الدولارات.
إيران / الولايات المتحدة و إسرائيل
حيث قام إيران بهجمات إلكترونية قاسية على على عدد من المؤسسات المالية الامريكية رداً على ما تم فرضه عليها من عقوبات دولية .. حيث تعرضت مجموعة من البنوك الأمريكية الكبرى لعدة موجات من الهجمات، و بلغ عدد البنوك المستهدفة فى الموجة الثالثة 20 بنكاً.
أما من الجانب الأمريكى الإسرائيلى فلقد تم استهداف المنشئات النووية الإيرانية، و لقد كانت إحدى هذه الهجمات عن طريق نشر برمجيات خبيثة و كان من أبرز المتضررين منشأة نطانز الشهيرة، حيث تم تعطيل ألف جهاز طرد مركزي.
إيران / العالم العربى
مؤخرا تم الهجوم إلكترونياً على بعض المنشئات النفطية العربية، مثل شركة (راس غاز) فى قطر عن طريق فيروس شيمون، و توجهة أصابع الاتهام نحو إيران.
يتبين إلينا أن هناك بعض الدول التى تُهاجم أكثر من غيرها مثل أمريكا والصين وبعض دول الخليج وإيران.
و هكذا نرى أن هناك حروباً إلكترونية فى غاية القوة قائمة بالفعل فى عالمنا الحالى، و لكننا كعالم عربى نعتبر الجانب الأضعف فى أى من تلك الصراعات، إن مهمة تأمين نظمنا المعلوماتية لا بد أن تتم من داخلنا بدون الاستعانة بأى جهة خارجية، لأننا بذلك سنسلمها كل مفاتيحنا بأنفسنا.